كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِهَا) أَيْ الْحُكُومَةِ.
(وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ بِإِقْرَارِهِ) بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَقَتَلْتُهُ بِسِحْرِي، وَهُوَ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ بِنَوْعِ كَذَا وَشَهِدَ عَدْلَانِ تَابَا بِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا فَعَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ أَوْ نَادِرًا فَشِبْهُ عَمْدٍ أَوْ أَخْطَأْتُ مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ لَهُ فَخَطَأٌ وَهُمَا عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ صَدَّقُوهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَوْ مَرِضَ بِسِحْرِي وَلَمْ يَمُتْ أَقْسَمَ الْوَلِيُّ؛ لِأَنَّهُ لَوْثٌ وَكَنُكُولِهِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي (لَا بِبَيِّنَةٍ) لِتَعَذُّرِ مُشَاهَدَةِ قَصْدِ السَّاحِرِ وَتَأْثِيرِ سِحْرِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: حَقِيقَةً) إلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَقْتُلُ غَالِبًا) مِنْ مَقُولِ السَّاحِرِ.
(قَوْلُهُ: تَابَا) يَعْنِي كَانَا سَاحِرَيْنِ ثُمَّ تَابَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَادِرًا) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمِثَالَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِاسْمِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهُمَا) أَيْ دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ) أَيْ السَّاحِرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمُتْ) أَيْ بِهِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَإِنْ قَالَ أَمْرَضْتُ بِهِ عُزِّرَ فَإِنْ مَرِضَ بِهِ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ كَانَ لَوْثًا إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ تَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ يَحْلِفُ الْوَلِيُّ أَنَّهُ مَاتَ بِسِحْرِهِ وَيَأْخُذُ الدِّيَةَ فَإِنْ ادَّعَى السَّاحِرُ بُرْأَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَاحْتُمِلَ بُرْؤُهُ بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ بُرْؤُهُ فِيهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَنُكُولِهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْإِقْرَارُ الْحُكْمِيُّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَيْ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَقَتَلْتُهُ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيَثْبُتُ السِّحْرُ أَيْضًا بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ بِالسِّحْرِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي) أَيْ يَمِينًا وَاحِدَةً. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَتَأْثِيرِ سِحْرِهِ) أَيْ فِي الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ السَّابِقَ وَشَهِدَ عَدْلَانِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي النَّوْعِ مَعَ قَيْدِ الْغَالِبِ.
تَنْبِيهٌ:
تَعَلُّمُ السِّحْرِ وَتَعْلِيمُهُ حَرَامَانِ مُفَسِّقَانِ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِعْلٌ مُكَفِّرٌ وَلَا اعْتِقَادُهُ وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ وَيُفَسَّقُ بِهِ أَيْضًا وَلَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى فَاسِقٍ إجْمَاعًا فِيهِمَا نَعَمْ سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَمَّنْ يُطْلِقُ السِّحْرَ عَنْ الْمَسْحُورِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِهِ وَأُخِذَ مِنْهُ حِلُّ فِعْلِهِ لِهَذَا الْغَرَضِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ إذْ إبْطَالُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى فِعْلِهِ بَلْ يَكُونُ بِالرُّقَى الْجَائِزَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِسِحْرٍ وَفِي حَدِيثٍ حَسَنٍ «النُّشْرَةُ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ» قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، هِيَ حَلُّ السِّحْرِ وَلَا يَكَادُ يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا مَنْ عَرَفَ السِّحْرَ انْتَهَى أَيْ فَالنُّشْرَةُ الَّتِي هِيَ مِنْ السِّحْرِ مُحَرَّمَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لِقَصْدِ حَلِّهِ بِخِلَافِ النُّشْرَةِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ السِّحْرِ فَإِنَّهَا مُبَاحَةٌ كَمَا بَيَّنَهَا الْأَئِمَّةُ وَذَكَرُوا لَهَا كَيْفِيَّاتٍ وَظَاهِرُ الْمَنْقُولِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ جَوَازُ حَلِّهِ عَنْ الْغَيْرِ وَلَوْ بِسِحْرٍ قَالَ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَلَاحٌ لَا ضَرَرٌ لَكِنْ خَالَفَهُ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّهُ دَاءٌ خَبِيثٌ مِنْ شَأْنِ الْعَالِمِ بِهِ الطَّبْعُ عَلَى الْإِفْسَادِ وَالْإِضْرَارِ بِهِ فَفُطِمَ النَّاسُ عَنْهُ رَأْسًا وَبِهَذَا يُرَدُّ عَلَى مَنْ اخْتَارَ حِلَّهُ إذَا تَعَيَّنَ لِرَدِّ قَوْمٍ يُخْشَى مِنْهُمْ قَالَ كَمَا يَجُوزُ تَعَلُّمُ الْفَلْسَفَةِ الْمُحَرَّمَةِ وَلَهُ حَقِيقَةٌ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَيُؤَثِّرُ نَحْوُ مَرَضٍ وَبَغْضَاءَ وَفُرْقَةٍ وَيَحْرُمُ تَعَلُّمُ وَتَعْلِيمُ كَهَانَةٍ وَضَرْبٌ بِرَمْلٍ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ دَالٌّ عَلَى خَطَرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ حِلَّهُ بِمَعْرِفَةِ مُوَافَقَةِ مَا يُفْعَلُ مِنْهُ لِمَا كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ الَّذِي عُلِّمَهُ، وَأَنَّى يُظَنُّ ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ عِلْمِهِ وَشَعِيرٍ وَحَصًى وَشَعْبَذَةٍ وَالتَّفَرُّجُ عَلَى فَاعِلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا، هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» يَشْمَلُهُ وَنَفْيُ الْقَبُولِ فِيهِ نَفْيٌ لِلثَّوَابِ لَا لِلصِّحَّةِ وَمَرَّ قُبَيْلَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْعَيْنِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّ لِوَلِيِّ الدَّمِ قَتْلَ وَلِيٍّ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارًا كَالسَّاحِرِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ تَفْصِيلُهُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَتَّجِهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَعَائِنٍ تَعَمَّدَ وَقَدْ اُعْتِيدَ مِنْهُ دَائِمًا قَتْلُ مَنْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِالْحَالِ حَقِيقَةً إنَّمَا يَكُونُ لِمُهْدَرٍ لِعَدَمِ نُفُوذِ حَالِهِ فِي مُحَرَّمٍ إجْمَاعًا (وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثِهِ) غَيْرُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ (بِجَرْحٍ) يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ لِلْهَلَاكِ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَمْ يُقْبَلْ) وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتُهْمَتِهِ إذْ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَلَا نَظَرَ لِوُجُودِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَقَدْ يُبْرِئُ الدَّائِنُ أَوْ يُصَالِحُ وَكَوْنُهُ لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إبْرَاؤُهُ كَزَكَاةٍ نَادِرٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ مُوَرِّثَهُ حَالَ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَحْجُوبًا ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا (وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ) إذْ لَا تُهْمَةَ (وَكَذَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ لِمُوَرِّثِهِ (بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِالسَّبَبِ النَّاقِلِ لِلشَّاهِدِ بِتَقْدِيرِ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ؛ وَلِأَنَّ الْمَالَ يَجِبُ هُنَا حَالًا وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمَرِيضُ كَيْفَ أَرَادَ وَثَمَّ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ لِلْوَارِثِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: تَعَلُّمُ السِّحْرِ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ يَجُوزُ تَعَلُّمُهُ وَتَعْلِيمُهُ لِلْوُقُوفِ عَلَيْهِ لَا لِلْعَمَلِ بِهِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَا اعْتِقَادُهُ) فَإِنْ اُحْتِيجَ فِيهِمَا إلَى تَقْدِيمِ اعْتِقَادٍ مُكَفِّرٍ كَفَرَ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ) وَهَلْ مِنْ السِّحْرِ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَقْسَامِ وَتِلَاوَةِ آيَاتِ قُرْآنِيَّةٍ يَتَوَلَّدُ مِنْهَا الْهَلَاكُ فَيُعْطَى حُكْمَهُ الْمَذْكُورَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ وَلَا بَأْسَ بِحَلِّ السِّحْرِ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالْكَلَامِ الْمُبَاحِ، وَإِنْ كَانَ بِشَيْءٍ مِنْ السِّحْرِ فَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ أَحْمَدُ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ ضَرُورَةً انْتَهَى إقْنَاعٌ فِي فِقْهِ الْحَنَابِلَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُفَسَّقُ بِهِ) أَيْ بِفِعْلِ السِّحْرِ مُطْلَقًا أَيْضًا أَيْ كَتَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ.
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ وَيُفَسَّقُ بِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَظْهَرُ إلَخْ وَقَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى دَعْوَى الْإِجْمَاعِ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ أَيْ قَوْلِهِ: وَيَحْرُمُ فِعْلُهُ وَيُفَسَّقُ بِهِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَلَا يَظْهَرُ السِّحْرُ إلَّا عَلَى فَاسِقٍ وَلَا تَظْهَرُ الْكَرَامَةُ عَلَى فَاسِقٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْعَقْلِ بَلْ مُسْتَفَادٌ مِنْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يُطْلِقُ السِّحْرَ) أَيْ يَحُلُّهُ.
(قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ مِنْ جَوَابِ أَحْمَدَ.
(قَوْلُهُ: لِهَذَا الْغَرَضِ) أَيْ الْحَلِّ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الْأَخْذِ.
(قَوْلُهُ: إذْ إبْطَالُهُ إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّ إطْلَاقَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ ظَاهِرٌ فِي الْعُمُومِ وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ فِي صِحَّةِ الْأَخْذِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي حَدِيثٍ إلَخْ) تَأْيِيدٌ لِلنَّظَرِ (قَوْله وَذَكَرُوا لَهَا) أَيْ لِلنُّشْرَةِ الْمُبَاحَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ السِّحْرَ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ حُلَّ بِهِ السِّحْرُ عَنْ الْغَيْرِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَقُّ) أَيْ مَا قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِهِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ دَاءٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يُفِيدُ عَدَمَ جَوَازِ التَّعَلُّمِ لَا عَدَمَ جَوَازِ فِعْلِ الْعَالِمِ بِهِ لِحَلِّهِ عَنْ الْغَيْرِ.
(قَوْلُهُ: وَبِهَذَا يُرَدُّ إلَخْ) يَعْنِي بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ دَاءٌ إلَخْ وَمَرَّ مَا فِيهِ.
(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ مَنْ اخْتَارَ حِلَّهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ حَقِيقَةٌ إلَخْ):
تَنْبِيهٌ:
السِّحْرُ لُغَةً صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ يُقَالُ مَا سَحَرَك عَنْ كَذَا أَيْ مَا صَرَفَك عَنْهُ وَاصْطِلَاحًا مُزَاوَلَةُ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ لِأَفْعَالٍ وَأَقْوَالٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أُمُورٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ، هُوَ تَخْيِيلٌ أَوْ حَقِيقَةٌ قَالَ بِالْأَوَّلِ الْمُعْتَزِلَةُ وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُخَيَّلُ إلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} وَقَالَ بِالثَّانِي أَهْلُ السُّنَّةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ وَالسَّاحِرُ قَدْ يَأْتِي بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يَتَغَيَّرُ بِهِ حَالُ الْمَسْحُورِ فَيَمْرَضُ وَيَمُوتُ مِنْهُ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ بِوُصُولِ شَيْءٍ إلَى بَدَنِهِ مِنْ دُخَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَقَدْ يَكُونُ بِدُونِهِ وَيُفَرَّقُ بِهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَيَكْفُرُ مُعْتَقِدٌ إبَاحَتَهُ.
(فَائِدَةٌ):
لَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ مِنْ السِّحْرِ إلَى الْغَايَةِ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْقِبْطُ أَيَّامَ دَلُوكَا مَلِكَةِ مِصْرَ بَعْدَ فِرْعَوْنَ فَإِنَّهُمْ وَضَعُوا السِّحْرَ عَلَى الْبَرَابِي وَصَوَّرُوا فِيهَا صُوَرَ عَسَاكِرِ الدُّنْيَا وَالْبَرَابِي بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ أَحْجَارٌ تُنْحَتُ وَتُجْعَلُ فِيهَا الصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ، وَهِيَ مَشْهُورَةٌ فِي بِلَادِ الصَّعِيدِ فَأَيُّ عَسَاكِرَ قَصَدَهُمْ أَتَوْا إلَى ذَلِكَ الْعَسْكَرِ الْمُصَوَّرِ فَمَا فَعَلُوهُ بِهِ مِنْ قَلْعِ الْأَعْيَنِ وَقَطْعِ الْأَعْضَاءِ اتَّفَقَ نَظِيرُهُ لِلْعَسْكَرِ الْقَاصِدِ لَهُمْ فَتَخَافُ مِنْهُمْ الْعَسَاكِرُ وَأَقَامُوا سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ وَالنِّسَاءُ هُنَّ الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ بِمِصْرَ بَعْدَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ فَهَابَهُمْ الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ قَالَ الدَّمِيرِيِّ حَكَاهُ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ وَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّ السَّاحِرَ قَدْ يَقْلِبُ بِسِحْرِهِ الْأَعْيَانَ وَيَجْعَلُ الْإِنْسَانَ حِمَارًا بِحَسَبِ قُوَّةِ السِّحْرِ وَهَذَا وَاضِحُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَى هَذَا لَقَدَرَ أَنْ يَرُدَّ نَفْسَهُ إلَى الشَّبَابِ بَعْدَ الْهَرَمِ، وَأَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ الْمَوْتِ وَمِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِهِ السِّيمِيَاءُ وَأَمَّا الْكَهَانَةُ وَالتَّنْجِيمُ وَالضَّرْبُ بِالرَّمْلِ وَالْحَصَى وَالشَّعِيرِ وَالشَّعْبَذَةُ فَحَرَامٌ تَعْلِيمًا وَتَعَلُّمًا وَفِعْلًا وَكَذَا إعْطَاءُ الْعِوَضِ وَأَخْذُهُ عَنْهَا بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ فِي النَّهْيِ عَنْ حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَالْبَاقِي بِمَعْنَاهُ وَمُغْنِي وَعِ ش.
(قَوْلُهُ: وَيَحْرُمُ تَعَلُّمُ وَتَعْلِيمُ كَهَانَةٍ) وَالْكَاهِنُ مَنْ يُخْبِرُ بِوَاسِطَةِ النَّجْمِ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِخِلَافِ الْعَرَّافِ فَإِنَّهُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْ الْمُغَيَّبَاتِ الْوَاقِعَةِ كَعَيْنِ السَّارِقِ وَمَكَانِ الْمَسْرُوقِ وَالضَّالَّةِ أَسْنَى وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَضَرْبٌ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى تَعَلُّمُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ مُسْلِمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَأَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ: «كَانَ نَبِيٌّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ» فَمَعْنَاهُ مِنْ عَلِمَ مُوَافَقَتَهُ لَهُ فَلَا بَأْسَ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ الْمُوَافَقَةَ فَلَا يَجُوزُ لَنَا ذَلِكَ. اهـ. وَفِي ع ش عَنْ الدَّمِيرِيِّ مِثْلُهَا.
(قَوْلُهُ: عَلَّقَ حِلَّهُ) أَيْ الضَّرْبِ بِرَمْلٍ وَكَذَا ضَمِيرُ مِنْهُ وَضَمِيرُ عُلِّمَهُ.
(قَوْلُهُ: مَا يُفْعَلُ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ.
(قَوْلُهُ: عُلِّمَهُ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّعْلِيمِ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْمُوَافَقَةُ نَائِبُ فَاعِلِ يُظَنُّ.
(قَوْلُهُ: وَشَعِيرٍ إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى رَمْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَشَعْبَذَةٍ) عَطْفٌ عَلَى كَهَانَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَالتَّفَرُّجُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى تَعَلُّمُ إلَخْ عِبَارَةُ ع ش عَنْ الدَّمِيرِيِّ وَيَحْرُمُ الْمَشْيُ إلَى أَهْلِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَتَصْدِيقُهُمْ وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ الْقِيَافَةُ وَالطَّيْرُ وَعَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ التَّوْبَةُ مِنْهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِحُرْمَةِ التَّفَرُّجِ.
(قَوْلُهُ: عَرَّافًا) مَرَّ تَفْسِيرُهُ آنِفًا.
(قَوْلُهُ: وَيَشْمَلُهُ) أَيْ الْمُتَفَرِّجَ.
(قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ إلَخْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ فِيهِ أَيْ فِي الْحَالِ أَوْ الْقَتْلِ بِهَا.